Tuesday, April 8, 2008

بس لو نرحم بعض؟؟؟

بس لو نرحم بعض!!!!!!!!!

بقـلم داليــا رشــوان

يواجه المصريون هذه الأيام موجة من غلاء الأسعار أتت على الأخضر واليابس بالإضافة إلى بعض المشاكل الأخرى على جميع المستويات. وسواء كانت الحكومة هي السبب أو ليست هي السبب فإن الإنسان المصري أصبح يلعن الحكومة يوميا ويُسقط عليها كل مشاكله، فإذا عاملته زوجته على غير ما يحب لعن الحكومة وإذا إنزعج من صوت أبناءه وهم يلعبون حوله لعن الحكومة وإذا نزل في الشارع ظل يسب الجميع ويلعن أيضا الحكومة.

أصبحت الحكومة بالنسبة للبعض هي الشماعة التي يعلق عليها كل مشاكله على الرغم من أن معظمها تسبب فيه سوء خلق اخوته من المواطنين المصريين - وهو ليس بمنأى عنهم وذلك بشكل مباشر وباقي مشاكلة مبنية على نفس هذا الخلق ولكن بشكل غير مباشر.

الشكل المباشر هو الضرر المباشر لهذا الخلق وسنتناوله بالتفصيل في سلسلة موضوعات قادمة إن شاء الله أما الشكل الغير مباشر فهو يتعلق بالحديث الشريف :"من لا يَرحَم لا يُرحَم"

وقوله تعالى في سورة الروم: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)


القاعدة الأولى

هذه هي أول القواعد للخروج من الأزمة التي نحن فيها، لو رحمنا بعضنا لرحمنا الله فكما تعامل الناس يعاملك سبحانه. ويجب أن تتعلم وتعي أن مراعاتك لأخوك في الشارع وإظهار حسن خلقك معه أنت أول المستفيدين منه في الدنيا قبل الآخرة وأسرع مما تتخيل.

دنيا المصالح التي تتوهم أنك يجب أن تحارب فيها وتخطف سريعا منها ما تستطيع سواء كان حلالا أو حراما هي في الحقيقة دنيا وهمية، ضحك عليك بها من ضلوا وأرادوا أن يضلوك معهم، إنما دنيا المصالح تكون مصلحتك فيها مع من يملك المصلحة ويملك الخَلق جميعا ويرزقهم ويملك خزائن السماوات والأرض، ومالك كل شئ وهو على كل شئ قدير. لذا فمن قلة العقل أن تسعى وراء مصلحتك بأن تعارضه عز وجل وتذهب لمن لا يملك أن يرزق نفسه قشة أو نَفَس.

الحل العودة إلى حدود الله، أن تحيا حياتك بالطول وبالعرض ولكن أن تختار لنفسك كل ما هو حلال لتستمتع به سواء من المال والنساء والنشاط اليومي وأن تعطي كل ذي حق حقه.

ولا تقل أنا فرد ولن يتغير 80 مليون، لأنه تعالى قال في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)

القاعدة الثانية

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)

ضمان ثبات النعمة هي شكرها، بل إنه لضمان لزيادتها وليس فقط ثباتها

وشكر النعم ليس كلمة تقولها "الحمد لله" فقط ولكن هي قناعة داخلية تقوم عليها تصرفاتك

وقد كررت هذه الكلمات في موضوعات سابقة ولكن لزم التنويه عنها هنا:

1- أن تعرف يقينا أن النعمة التي في يدك هي من الله أعطاها لك ويمكن أن يأخذها في لحظة، فهي ليست شطارة ولا نصاحة ولا فهلوة منك.

2- أن تستعملها فيما يرضي الله وليس في معصيته

3- أن تخرج منها صدقة تطهرها لوجه الله على حسب نوع هذه النعمة حتى لو كانت شئ غير ملموس مثل العلم، فصدقة العلم هي أن لا تكتمه عن أحد مثل ما هو شائع بين الناس الآن، وهو أن يخفي عن زميله ما يعرفه حتى لا يصبح أحسن منه.

مثال النعم: المال والصحة والعلم وجمال الخلقة والبيت المريح والعائلة والصحبة والأكل والشرب ونظافة الماء والهواء والغذاء والمناخ الطيب بلا تلوث

أتعرفون أن جزء رئيسي من محاربة الظواهر الطبيعية التي تنغص علينا حياتنا ومن المتوقع أن تحدث وأن تزيد مثل الاحتباس الحراري وزيادة درجات الحرارة والتآكل المتوقع لشواطئ الساحل الشمالي (بالكيلومترات) للداخل وغيرها، جزء كبير من محاربتها هو الرجوع إلى الله والجزء الثاني هو الأخذ بالأسباب. وخذ بالأسباب كيفما شئت إن لم يرضى رب العالمين فهو سبحانه لن يسمح للأسباب بأن تغير شيئا.

ولقد تأملت بعض البرامج بقناة الجزيرة الوثائقية، تلك التي كانت تبث إعادة تمثيل للكوارث الطبيعية الشهيرة وإذاعة بعض التسجيلات الحقيقية لها مع تحليل كامل لكل تفاصيل أسباب هذه الكارثة وما أدى لها. وتوصلت إلى أن الكارثة تسلسلها كالآتي: الإنسان يطغى .. فيُغضب الله .. فيسبب سبحانه الأسباب .. تبدأ أسباب الكوارث في الحدوث ومعظمها يحدث إما بالصدفة البحتة (من وجهة نظر المحققين فيها) أو تجمع لأسباب لم تكن في الحسبان، أو أسباب تافهة جدا لم تلفت نظر القائمين عليها، أو تغافل إنسان عن القيام بمهمة قد تكون مهمة غير أساسية أو ليس لها أهمية قبل الكارثة .. ثم تحدث الكارثة.

الحائل الوحيد بينك وبين الكارثة هو تقوى الله

وتقوى الله ليس شئ روحاني

تقوى الله ليس أن تصلي وتصوم فقط

تقوى الله هو أن تعمل كل شئ في حياتك بإحسان (أي على أحسن ما يكون)، وتعطي الحقوق لكل من له حق عندك.

والحقوق كثيرة بداية من بر الوالدين، وصلة الرحم، وحقوق الزوج والزوجة، وحق الرعية، وحق الجار، وحق المسلم، والحقوق في البيع والشراء، والحقوق في العمل، وحقوق الخلوة مع الله.....

الحقوق كثيرة ولكنها ليست صعبة، هي فقط تحتاج منك أن تخرج من ما اعتدت عليه من تفكير في أمور الدنيا والفوز بمصلحتك فقط دون اكتراث لمن حولك. تحتاج أن تبدأ في التفكير في حقوق الناس قبل كل فعل تنويه، ليس لأنك ساذج مثلا أو شخصية طيبة أو عبيطة أو غبية أو السلسلة الطويلة التي تطلق على من يراعي الله في تصرفاته كما يظن البعض، ولكن لأن من يفعل ذلك يطمع في ما هو أكبر من أي مكاسب، يطمع في رضا الله، وإن رَضيَ الله عنك فكل شئ في حياتك ستستقيم، وكيف لا تستقيم وحسبك رب العالمين.

المكسب ليس مادي فقط بل مضاف إليه مكاسب في الدنيا قد يدفع فيها أشخاص أموال طائلة ولا يصلون إليها، فهل يستطيع ثري أن يشتري صلاح أبنائه، هل يستطيع ثري أن يشتري الاستمتاع بطعم أكله وشربه، هل يستطيع ثري أن يشتري زوجة تسعده.

لكن المؤمن يحصل على ذلك برضا الله. ومما لاشك فيه أن المؤمن أكثر الناس إبتلاء لكن هناك فارق كبير بين مبتلى يفتح الله بينه وبين نعمه ويخفف عنه ويعده سبحانه باليسر مع العسر وبين آخر ناقم وساخط من ما نزل به من بلاء، ضاقت به الدنيا حتى تمنى أن الموت لعله يرتاح من عذابها.

No comments: